رسالة تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
بمناسبة عيد الأضحى المبارك نتقدم بأحر التهاني والتبريكات إلى الأمة الإسلامية جمعاء الذين يحتفلون بهذه المناسبة المقدسة بكل إخلاص وروحانية.
المعنى المقدس للتضحية
يُخلّد عيد الأضحى ذكرى تضحية النبي إبراهيم (عليه السلام)، حين اختبر الله سبحانه وتعالى إيمانه بأمره بالتضحية بابنه إسماعيل. يُجسّد هذا التسليم التام للإرادة الإلهية جوهر الإيمان الإسلامي: التوكل التام على الله والاستعداد للتضحية بأعز ما يملك امتثالاً لأوامره.
وفي التراث الشيعي، يكتسب هذا الحدث معنى أعمق من خلال تعاليم الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وخاصة الإمام علي (عليه السلام) والإمام الحسين (عليهما السلام)، اللذين أظهرا لنا من خلال تضحياتهما المعنى الحقيقي للإخلاص لله والعدل.
الحج ووحدة الأمة
في هذه الأيام المباركة، يتوافد ملايين الحجاج إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، أحد أركان الإسلام الأساسية. ويمثل هذا الحج المبارك وحدة الأمة بغض النظر عن اختلافاتها العرقية والاجتماعية والقومية. وكما أوصى به الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، فإن الحج رمزٌ للتطهير الروحي وتجديد الإيمان.
تُذكّرنا مناسك الحج بأننا جميعًا متساوون أمام الله، نرتدي ثوب الإحرام الأبيض، متحدين في الصلاة والعبادة. هذه هي رسالة المساواة والأخوة التي تجد صدىً قويًا في المذهب الشيعي، حيث العدالة الاجتماعية والدفاع عن المظلومين قيمتان أساسيتان.
التضامن في أوقات المحنة
في يوم الاحتفال هذا، تتوجه قلوبنا ودعواتنا بحماس خاص إلى إخواننا وأخواتنا في غزة، الذين يمرون بلحظات من المعاناة والحرمان الشديدين. إن صمودهم وكرامتهم في وجه الشدائد يُذكراننا بتضحية الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، حيث اختار التضحية بكل شيء بدلًا من الخضوع للظلم.
يجسّد الشعب الفلسطيني، وخاصةً سكان غزة، روح المقاومة اليوم. ثباتهم على الإيمان، رغم المشقة البالغة، دليلٌ على القوة النابعة من الثقة بالله واليقين بانتصار العدالة الإلهية.
وكما يعلمنا الإمام علي (عليه السلام): "من رأى ظلماً فلم يقاتله بيده فليقاتله بلسانه، ومن لم يستطع أن يقاتله بلسانه فليقاتله بقلبه، وذلك أضعف الإيمان". ومن هذا المنطلق، فإن تضامننا مع غزة ليس واجباً إنسانياً فحسب، بل هو ضرورة دينية.
قيم عيد الأضحى
إن عيد الأضحى يدعونا إلى التأمل في المبادئ الأساسية لإيماننا:
التقوى: الوعي الدائم بالوجود الإلهي الذي يوجه كل عمل من أعمالنا، كما أظهره النبي إبراهيم في طاعته المطلقة.
الإيثار: هو الاستعداد للتضحية بمصالح الإنسان من أجل الآخرين، اقتداءً بأهل البيت (عليهم السلام).
العدل: هو الالتزام بالإنصاف والعدالة الاجتماعية، وهو ركيزة أساسية من ركائز العقيدة الشيعية.
الصبر: هو الثبات في المحن، كما ثبت في الإمام الحسين وأصحابه في كربلاء.
التوحيد: هو الاعتراف بأن كل شيء يأتي من الله ويعود إليه، وهو مصدر القوة في الصعوبات.
الالتزام بالعدالة
تُعلّمنا التقاليد الإسلامية أن الاحتفال الحقيقي بعيد الأضحى لا يقتصر على الشعائر، بل يمتد إلى الالتزام الفعّال بالعدالة الاجتماعية. وقد بيَّن لنا الأئمة (عليهم السلام) أن الإيمان الحقيقي يتجلى في نصرة المظلومين ومحاربة الظلم.
في هذا اليوم المبارك، نجدد التزامنا باتباع نهج الأئمة المعصومين، ودعم المظلومين، والنضال بسلام من أجل عالم أكثر عدلاً. دعوانا من أجل غزة وجميع الشعوب المضطهدة جزء لا يتجزأ من احتفالنا.
رسالة أمل
رغم المعاناة الراهنة، يحمل لنا عيد الأضحى رسالة أمل راسخة. فكما استبدل الله ذبيحة ابن إبراهيم بكبش، فإن رحمته اللامتناهية ستحوّل محنتنا إلى نعم. سيتحقق وعد الله بالعدل، وسيشهد من يعانون اليوم فجر التحرير.
إن الدماء التي أريقت ظلماً لن تذهب سدىً أبداً، كما أن تضحية الإمام الحسين في كربلاء لا تزال تلهم أجيالاً من المؤمنين في نضالهم من أجل الحقيقة والعدالة.
في هذا اليوم المقدس ندعو الله أن:
- تقبل الله تضحيات ودعوات جميع المؤمنين.
- ليعم السلام والعدل في كل بقاع الأرض
- نسأل الله أن يفرج عن إخواننا وأخواتنا في غزة ويخفف عنهم معاناتهم.
- لتتعزز وحدة الأمة بالتضامن والتراحم.
- نسأل الله أن يمن على جميع عائلات المسلمين بالبركات في هذا اليوم المبارك.
- تقبل الله تضحيات المقاتلين في سبيل الحق.
- ليُنير نور الهداية الإلهية طريق جميع المؤمنين.
نسأل الله أن يكون عيد الأضحى المبارك فاتحة خير وبركة، وتجديدًا للإيمان، وتقويةً لأواصر الأخوة الإسلامية. تقبل الله دعاءنا وتضحياتنا، وأنزل رحمته ورحمته على جميع المؤمنين، وخاصةً المجاهدين في سبيل الحق والعدل.
مع الاحترام العميق لقدسية هذا العيد وتضامنا مع كل من يناضل من أجل الكرامة والعدالة، باسم الله الرحمن الرحيم.